لماذا اسرار الصيام _ الاولى
الحمد لله الذي اختص شهر رمضان بفضيلة الصيام ، وأجزل فيه الفضائل والخيرات والإتمام ، وشرَّف أوقاته وميَّزها عن سائر الأيام.
والصلاة والسلام على سيد الأنام ، وأفضل من صلى وصام ، وأتقى المتصدقين والذاكرين الله تعالى والقُوَّام ، وعلى آله واصحابه البررة الكرام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والقيام .
وبعد ،،
فالصيام فريضة دينية ، ومدرسة تربوية، وواحةٌ رُوحية، يتلقى فيها المسلمون جرعات تعليمية نافعة، ودروسًا تثقيفية جامعة، تفي بحاجات النفس البشرية، وتلبي متطلباتها النفسية، تتذوق فيها حلاوة الرحمة، وتستنشق في ظلالها عبير المحبة، يمسح الصائم فيها عن جبينه وعثاء الحيرة والفتور، ويتيح لرُوحه التألق في عالم الصفاء والنور.
إنَّ الصيام هو ينبوع السعادة الروحية، وطريق نقاء صفاتها السلوكية، ومصدر استقامة النفس ونجاحها، ومنبع فوزها وفلاحها، وشعارٌ لوحدة الأمة الإسلامية وصلاحها، وموسمٌ لتجديد التوبة والاستغفار، والخلاص من الذنوب والآصار، ومجاهدة النفس على فعل الطاعات، والمداومة على عمل الصالحات، وفيه كبحُ النفس عن الشهوات، وحجزُ لها عن مقارفة المنكرات، وينشئ في نفس الصائم خلق المراقبة، وأن ربه يطلع عليه ويراقبه. (1)
وهو من أَجَلِّ العبادات على الإطلاق، إذ نسبه رب العزة لنفسه دون سائر العبادات إذ قال الله تعالى فيما حكاه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم : " كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام ، فإنه لي وأنا أجزي به" [ صحيح مسلم]
وهو العبادة التي لا تعدلها عبادة أخرى فعن أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت مرني بأمر آخذه عنك قال عليك بالصوم ، فإنه لا مثل له" [ رواه النسائي وصححه الألباني]
وهو وقايةٌ من النار وباب عظيم من أبواب الخير قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه " ألا أدلك على أبواب الخير ؟ . قلت : بلى يا رسول الله ! قال : الصوم جنة ، و الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار" [ صححه الألباني في صحيح الترغيب]
ولمن أدى هذه الفريضة الجليلة وعد من الله تعالى بالهداية ففي الصوم جهادٌ عظيمٌ للنفس حيث يدع العبد شهوته وطعامه وشرابه لله رب العالمين وقد قال رب العزة جل وعلا{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت/69]
كما أن الصائم يناله تحصيل ثمرة كريمة وهي ثمرة التقوى قال جل في علاه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }[البقرة/183]
ولما لهذه العبادة الجليلة من ثمراتٍ وفوائد وآثار على العباد كان هذا الركن لنتعرف فيه على أسرار الصيام وخفاياه ونتعلم كيف نحصل ثمراته ونجني ثماره
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه ولي ذلك والقادر عليه